إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح لمعة الاعتقاد
329456 مشاهدة print word pdf
line-top
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو

وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الغلو في قوله: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التواضع؛ لما دعاه قوم إلى أن يجلس في مكان مرتفع جلس على الأرض، وقال: إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد يعني: أنه عبد لله، وذكروا أن أعرابيا جاء إليه فظن أنه ليس كمثل أحد؛ ليس مثل الناس فتواضع له، وقال: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد .
القديد: هو النخل المجفف اليابس، يعني: أنني لم أخرج عن البشرية، فأنا ابن امرأة كما أن كل أحد فإنه مولود من امرأة، وأشباه ذلك مما يدل على محبته صلى الله عليه وسلم للتواضع وعدم رفعه فوق قدره الذي أنزله الله تعالى: ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله .
هناك آخرون يتسمون بالإسلام، ومع ذلك يحتقرون أوامره صلى الله عليه وسلم ويحتقرون سنته، ولا يطيعونه فتأتيهم الإرشادات والأوامر النبوية، ويضربون بها عرض الحائط مع ذلك يقولون: محمد رسول الله فمثل هؤلاء لم يطيعوه حق الطاعة بل لسان الحال من أحدهم، لسان أهل الحال بأحدهم يقول: لا أطيعك يا محمد ولو أمرتني بكذا وكذا.
عبر بعض العلماء مثلا عن الذين يسمعون قول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى .
أن لسان الحال لأحدهم يقول: لا أطيعك يا محمد أنت تأمر بإعفاء اللحى، أنا أخالفك، أنا أحلقها، وألقيها في القمامة وأدوسها بالأحذية، أخالفك فيما أمرت به، إذا قلت: أكرموا اللحى، قلنا: سمعنا وعصينا؛ يعني يقول ذلك بلسان الحال لا بلسان المقال، فكل من بلغه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنبذه وراء ظهره؛ فإنه في الحقيقة مكذب أي: مكذب للرسالة إما إجمالا وإما تفصيلا، إما كليا وإما جزئيا، وكل من جاءه أمر من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمتثله صدق عليه أنه لم يكن من الذين شهدوا له بالرسالة، نقول: كيف تقول إنه رسول وأنت مع ذلك لا تطيعه؟ تأتيك أوامره فتنبذها خلف الظهر، لا شك أنك في هذه الحال لم تكن صادقا في أنه مرسل.
حق الرسول أن يتبع، حق الرسول أن يطاع، وطاعته من طاعة الله ومحبته من محبة الله، ذكر هنا بعض الطلاب أن بعض المدرسين في مدرسة ليلية اعترف أمام الطلاب بأنه يحب الله ورسوله، ولكنه لا يصلي، فقال: أنا لا أصلي، أنا أعترف أنني لا أصلي منذ أن خرجت، ومنذ أن نشأت لا أصلي، ولكن يكفيني أني أحب الله ورسوله، نقول: كذبت؛ فإنك لو كنت تحبه لأطعته..
تعصي الإله وأنـت تزعـم حبه
هذا عجيب في الفعـال بديـع
لـو كان حبك صادقا لأطعتــه
إن المحب لمن يحب مطيـــع
فهكذا انقسم الناس في حق النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأقسام قسم غلو وقسم جفوا وقسم توسطوا.

line-bottom